يأتي إحداث «مركز مصالحة» تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه، بهدف رسملة التجارب والممارسات الفضلى المحصل عليها ضمن برنامج مصالحة الذي انطلق منذ سنة 2017 وأبان عن دور كبير وفعال في مكافحة التطرف العنيف في صفوف نزلاء المؤسسات السجنية، المعتقلين بموجب قانون الإرهاب، من خلال مقاربة مندمجة تسعى إلى تأهيلهم من أجل مصالحتهم مع ذواتهم، ومع النص الديني، ومع المجتمع، ومع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته بالفرد، وبالمؤسسات الشرعية الضامنة لتدبير الحياة العامة، وفقا لما تمليه القوانين والمعايير الحقوقية والقانونية والأخلاقية المعمول بها في بلادنا، وذلك باستحضار مختلف المحاور والأبعاد المتدخلة في العملية التأهيلية.

وإذ يعتبر إحداث هذا المركز ثمرة شراكة متميزة وفعالة بين مختلف الشركاء المؤسساتيين، فإن المهمة الرئيسية للمركز، تتمحور حول تكثيف وتوحيد الجهود، للمساهمة بنجاعة وفعالية في الاستراتيجية الوطنية لمحاربة التطرف العنيف، ومكافحة الإرهاب بالمملكة المغربية الشريفة. وذلك بالتشبع بقيم الانفتاح والتسامح، والحوار والوسطية والاعتدال، مع تغليب المصلحة العليا للأمة، والتشبث بالثوابت الوطنية، في استلهام لكل ذلك من التعاليم الإسلامية السمحة.

هذا وإن المركز، بناء على اتفاقية الشراكة المحدثة له، وإستراتيجيته المعتمدة، بالإضافة إلى الإشراف على البرنامج التأهيلي “مصالحة” وضمان استمراريته، يضطلع بمهام أخرى تشمل صياغة وتنفيذ برامج وقائية متنوعة، بتعاون مع مختلف الشركاء كل في مجال تدخله، سواء تعلق الأمر بالفضاء السجني أو الفضاء المجتمعي، أو بالوسائط الرقمية، بهدف الحماية من مخاطر التطرف، وإطلاق نظام يقظة لرصد هذه المخاطر، بما في ذلك اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المحيط الأسري للمستفيدين من البرامج من خطر تبني الأفكار المتطرفة. كما يعمل أيضا، وبتنسيق تام مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، على مواكبة سجناء هذه الفئة بعد الإفراج عنهم، وتتبع تنزيل مشاريعهم واندماجهم السوسيو-اقتصادي بالمجتمع. الى جانب مهام أخرى متنوعة تشمل إعداد الدراسات والأبحاث، وتنظيم اللقاءات، والمؤتمرات، والدورات التدريبية ذات الصلة بمكافحة التطرف العنيف.

وفي إطار تعزيز الانفتاح الإعلامي، تم إطلاق البوابة الإلكترونية لمركز مصالحة موقعا خدماتيا، بغية التعريف بمجهودات المركز في مكافحة مختلف مظاهر التطرف العنيف، ونشر الدراسات والأبحاث ذات الصلة، وكذلك المستجدات والمعطيات الإحصائية الخاصة بعمله، على أمل أن يرقى هذا العمل الى مستوى تطلعات مختلف الشركاء والمهتمين، داعيا الله عز وجل أن يوفقنا لما فيه خير هذا الوطن، وأن يكون المركز كما هذا الموقع، أدوات لترجمة الإرادة الملكية والتوجيهات السامية لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

                                                                                     والله ولي التوفيق.